لمحات مضيئة مختصرة من حياة الشيخ حامد بن أحمد بن عتيق البليهشي شيخ قبيلة البلاهشة ( مطوع المضيق ) رحمه الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة
والسلام على نبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه آجمعين
أما بعد :
فهذه لمحات مضيئة مختصرة من حياة الشيخ حامد بن أحمد بن عتيق البليهشي شيخ قبيلة البلاهشة ( مطوع المضيق ) رحمه الله .
نسبه رحمه الله :
بحسب ما لدينا من وثائق تاريخيه قديمه ووثائق وملازيم مع بني عمرو من
حرب تثبت ذلك وتنص عليه وشدة حرص رجال القبيلة الأوائل رحمهم الله على حفظ نسبهم
حيث لا تذكر وثيقة في قضية ما مع قبيلة مناش أو قبائل بني عمرو من حرب إلا ويشار
للبلاهشة فيها بالعـففا والغـفره غالباً وأيضا اللافت في صيغ كتابة وثائق البلاهشة
القدماء رحمهم الله وأوقافهم هو أنهم يبدؤونها بحمد الله سبحانه وتعالى والثناء عليه
وأن من لا يصلي ليس له نصيب في الميراث أو الوقف مما يدل على حرصهم وتمسكهم بآداب
الدين الحنيف *المرجع بتصرف (مسودة كتاب قبيلة البلاهشة) للأستاذ (محمد بن صالح
البليهشي) هو حامد بن احمد بن عتيق بن حسن بن مرزوق بن محسن بن حسن بن محمد بن بليهش
بن محمد بن زايد بن عفيف بن زايد بن عفيف الغفيري العفيفي العمري المالكي البجلي ,
وقبيلة بجيلة منها الصحابي الجليل عبدالله بن جرير البجلي رضي الله عنه الذي قال عنه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يدخل عليكم المسجد اصدق ذي يمن ) فكان الداخل عبدالله
بن جرير البجلي أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
لمحه من
حياته :
ولد الشيخ في قرية المضيق بوادي الفرع عام 1352 هجرية حسب ما دون في بطاقة الأحوال المدنية وربما هو اكبر من ذلك نشأ نشأة جادة في كنف والده الشيخ أحمد بن عتيق رحمه الله * وهو رجل عصامي اعتمد على نفسه وبناء نفسه بنفسه فقد سافر الى مدينة جدة وهو في سن مبكرة للعمل رغم أنه من أسرة ميسورة الحال نوعاً ما وكانت مدينة جدة قديما لا كجدة اليوم وعمل في البناء عند عدة أسر كريمة من أسر جده , والبناء مهنة الأنبياء فقد كان إبراهيم الخليل بناء ونبينا محمد عمل على بناء مسجده ومسجد قباء بيده الشريفة عليهما الصلاة والسلام , ولكن كان أكثر عمله عند أسرة ( باناجه ) في جدة القديمة وقد ربطته علاقة قوية مع أبناء هذه الأسرة العريقة كما سيأتي لاحقا وكان زميله في البناء في تلك الفترة الشاعر والمذيع محمد بن شلاح المطيري رحمه الله الذي كان قد أشار على والدي الإلتحاق بإذاعة جدة عندما تم إفتتاحها في تلك الفترة ولكن والدي رحمه الله كان له رأياً آخر فقد جمع ثروة لا بأس بها و عاد إلى قريته المضيق ولو استثمرها في جدة لكان من أثرياء المملكة وكان لايسهر ولا يسمر كما كان يفعل أقرانه من ( أهل الديرة ) بل همه العمل واقتصاد النفقة والنوم المبكر وحضور الدروس العلمية في المساجد وهي قليلة آنذاك وفي مساجد معدودة كما قال لي , وعند عودته اشتغل بالتجارة وكان سوق المضيق في ذلك الحين مزدهرا حتى أن التجار يأتونه من وجدة ورابغ وكنت أذهب إليه بغدائه وقت الظهيرة حيث لا يستطيع الحضور إلى المنزل من كثرة الزبائن وكان رحمه الله ذا عقلية اقتصادية إستثمر أمواله في شراء أصول وأسهم في البنوك والشركات عند تأسيسها والأسهم في ذلك الحين لم تكن ذات جدوى اقتصادية وإنما أصبحت ذات قيمة في آخر عهد الملك فهد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته بعد أن مرض في وقت كان الناس لايهتمون بذلك وكان في بداية شبابه يقرض الشعر ولكن صرف عنه وقد حفظت عنه عدة أبيات وكانت رداً على شاعر هجا رجلا من القبيلة عندما زوج إبنه من قبيلة أخرى وغالوا عليه في المهر وهذه الأبيات لقنها والدي رحمه الله لوالد الزوج عندما إستنجد بالقبيلة وبهذه الأبيات أخرس الله هذا الشاعر ولم يعد يتداول الناس شعره و قالها رحمه الله تعالى دفاعا عن رجل من القبيلة وردا للظلم وقد مات الهاجي و المهجي والذي قرض الشعر فرحمهم الله جميعا وعفا عنهم .
ولد الشيخ في قرية المضيق بوادي الفرع عام 1352 هجرية حسب ما دون في بطاقة الأحوال المدنية وربما هو اكبر من ذلك نشأ نشأة جادة في كنف والده الشيخ أحمد بن عتيق رحمه الله * وهو رجل عصامي اعتمد على نفسه وبناء نفسه بنفسه فقد سافر الى مدينة جدة وهو في سن مبكرة للعمل رغم أنه من أسرة ميسورة الحال نوعاً ما وكانت مدينة جدة قديما لا كجدة اليوم وعمل في البناء عند عدة أسر كريمة من أسر جده , والبناء مهنة الأنبياء فقد كان إبراهيم الخليل بناء ونبينا محمد عمل على بناء مسجده ومسجد قباء بيده الشريفة عليهما الصلاة والسلام , ولكن كان أكثر عمله عند أسرة ( باناجه ) في جدة القديمة وقد ربطته علاقة قوية مع أبناء هذه الأسرة العريقة كما سيأتي لاحقا وكان زميله في البناء في تلك الفترة الشاعر والمذيع محمد بن شلاح المطيري رحمه الله الذي كان قد أشار على والدي الإلتحاق بإذاعة جدة عندما تم إفتتاحها في تلك الفترة ولكن والدي رحمه الله كان له رأياً آخر فقد جمع ثروة لا بأس بها و عاد إلى قريته المضيق ولو استثمرها في جدة لكان من أثرياء المملكة وكان لايسهر ولا يسمر كما كان يفعل أقرانه من ( أهل الديرة ) بل همه العمل واقتصاد النفقة والنوم المبكر وحضور الدروس العلمية في المساجد وهي قليلة آنذاك وفي مساجد معدودة كما قال لي , وعند عودته اشتغل بالتجارة وكان سوق المضيق في ذلك الحين مزدهرا حتى أن التجار يأتونه من وجدة ورابغ وكنت أذهب إليه بغدائه وقت الظهيرة حيث لا يستطيع الحضور إلى المنزل من كثرة الزبائن وكان رحمه الله ذا عقلية اقتصادية إستثمر أمواله في شراء أصول وأسهم في البنوك والشركات عند تأسيسها والأسهم في ذلك الحين لم تكن ذات جدوى اقتصادية وإنما أصبحت ذات قيمة في آخر عهد الملك فهد رحمه الله وأسكنه فسيح جناته بعد أن مرض في وقت كان الناس لايهتمون بذلك وكان في بداية شبابه يقرض الشعر ولكن صرف عنه وقد حفظت عنه عدة أبيات وكانت رداً على شاعر هجا رجلا من القبيلة عندما زوج إبنه من قبيلة أخرى وغالوا عليه في المهر وهذه الأبيات لقنها والدي رحمه الله لوالد الزوج عندما إستنجد بالقبيلة وبهذه الأبيات أخرس الله هذا الشاعر ولم يعد يتداول الناس شعره و قالها رحمه الله تعالى دفاعا عن رجل من القبيلة وردا للظلم وقد مات الهاجي و المهجي والذي قرض الشعر فرحمهم الله جميعا وعفا عنهم .
* كان جدي أحمد رحمه الله منصراً في كل قضية يقيمها وقد كُسي مهابة ووقار وماذلك إلا لإتصاله بالنسب الشريف وكان مايميزه منذ شبابه ملبسه الناصع البياض ورائحته الزكية رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
الأعمال
الحكومية التي عمل بها :
1- عين إماما رسميا وكان قبلها محتسبا لجامع المضيق عام 1370 هجرية تقريبا وقد وجدت له مسير رواتب في الأوقاف عندما كنت أعمل بها مؤرخ بتاريخ 1/1/1376 هجري سأورد صورة للمسيرلاحقاً، كان راتبه ( 250 ) ريال وعلاوته السنوية ( 15 ) ريال وكان ذلك الوقت مراتب لا مكافآت بالإضافة لعملة بالخطابة كان محافظا على الصلاة بالناس لا يتأخر ولا يغب رغم أنه لا توجد رقابة عليه كاليوم إلا من الله سبحانه وتعالى ويأتي للمسجد في كل فرض من منزل بعيد وأحيانا يستعين بدابة يركبها ( حمار ) وهو مركوب الأنبياء والصالحين ورمز التواضع قبل وجود السيارات .
1- عين إماما رسميا وكان قبلها محتسبا لجامع المضيق عام 1370 هجرية تقريبا وقد وجدت له مسير رواتب في الأوقاف عندما كنت أعمل بها مؤرخ بتاريخ 1/1/1376 هجري سأورد صورة للمسيرلاحقاً، كان راتبه ( 250 ) ريال وعلاوته السنوية ( 15 ) ريال وكان ذلك الوقت مراتب لا مكافآت بالإضافة لعملة بالخطابة كان محافظا على الصلاة بالناس لا يتأخر ولا يغب رغم أنه لا توجد رقابة عليه كاليوم إلا من الله سبحانه وتعالى ويأتي للمسجد في كل فرض من منزل بعيد وأحيانا يستعين بدابة يركبها ( حمار ) وهو مركوب الأنبياء والصالحين ورمز التواضع قبل وجود السيارات .
وكان يعد
خطبه بنفسه ينتقيها من كتب الصحاح في كل
موضوع ولكل وقت ومناسبة لا كحال
اليوم حيث الخطب في كتب وجاهزة وانك لتعجب
من خطبه لتناسقها وحسن ترتيبها وقوة بيانها وتأثيرها وصحة أحاديثها وكان له درس
بعد صلاة العصر عندما كان الجهل فاشيا والعلم قليل يبـين للناس فيه أمور دينهم وقد
حضرت اللجنة الشرعية عنده في الجامع لتقييمه كباقي الأئمة فكان أن وجههم قبل أن
يوجهوه وأرشدهم إلى طريق التقييم نظراً لما يملكه من علم عريض وخبرة ودراية
وممارسة فأوصوا بتحسين مكافأته وهو لا يسعى في ذلك فكان أن حسن وضعه سعادة الشيخ عبد
الرحمن بن علي المويلحي المدير السابق لفرع الوزارة جزاه الله خيراً ومتعه الله
بالصحة والعافية لأعلى فئة .
2- عمل مأذونا شرعيا في منطقة
وادي الفرع وما حولها وقد عينه الشيخ عبد العزيز بن صالح إمام وخطيب المسجد النبوي
الشريف بخطاب خطي منه عندما تولى رئاسة المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة وكان
قبلها مأذوناً محتسباً وقد أمضى في هذا العمل أكثر من ( 55 ) عاما وكان الوحيد في
المنطقة يحمل الصفة الرسمية ويوجد في ذيل هذه الصفحات صورة منها .
وكان له طريقة في إجراءات عقد النكاح ربما بعض الناس يعرفها وذلك بأن يبدأ
خطبة عقد النكاح بالثناء على الله سبحانه و تعالى والصلاة على رسول الله ثم يبدأ أول
أية في سورة النساء وهذه الآية أبلغ من ألف موعظة ونصيحة ثم يقول للزوج ضع يدك في
يد عمك أبي الزوجة ليكون عهدا ووعد وميثاق لما تقولان وقد نتج عن عقود هذه الأنكحة
أجيال وأجيال حيث كانت بمشيئة الله موفقة وكانت تأتيه البادية من كل مكان في كل
وقت في منزله من قرية الأبواء غرباً إلى وادي ريم مروراً بالخط السريع شرقاً وكان لا يشترط لعقد النكاح أي مبلغ بل يأخذ ما يعطونه وأحيانا يذهب معهم في أماكن بعيدة و
وعرة من أجل أخذ موافقة الزوجة وتوقيعها أو بصمتها بعد أن جاء الأمر بأخذ الموافقة
وأحيانا يذهب معهم بسيارته الخاصة تسهيلا عليهم .
3- عمل لسنوات طويلة مأمورا لمكتب بريد وادي الفرع ومقره المضيق حتى تقاعده وكان بريد وادي الفرع تابع للمنطقة الغربية إمارة مكة المكرمة ومرجعه بريد رابغ .
3- عمل لسنوات طويلة مأمورا لمكتب بريد وادي الفرع ومقره المضيق حتى تقاعده وكان بريد وادي الفرع تابع للمنطقة الغربية إمارة مكة المكرمة ومرجعه بريد رابغ .
عــلــمــه :
ثقف نفسه بنفسه كانت لديه مكتبة عامرة بكتب
العلم الصحاح و الفقه والمذاهب الفقهية والفرائض وعلوم القرآن وتفسيره وكتب الأدب
والشعر والتراجم والسير والتراث لا غرابة فقد كان من بيت علم فآبائه وأجداده
وأعمامه من كبار كتاب الوثائق في وادي الفرع وفي العلم الشرعي وكان الناس يحتكمون إليهم
وأغلب حكمهم بالمذهب الشافعي فوالده الشيخ أحمد بن عتيق رحمه الله هو من سعى في
مدرسة المضيق وخاطب الدولة في ذلك ولاقا ما لاقا من أعداء العلم حتى تم افتتاحها
عام1375 هجرية و به انزاحت ظلمة الجهل وسطع نور العلم في منطقة وادي الفرع وما حولها
وكذلك من جهة أمهات والده فجدته شميلة تصغير شملة وهو تصغير للتمليح والشملة هي
السجية والطبيعة وجمعها شمائل وفي ذلك ألف الإمام النووي رحمه الله كتاب سماه
الشمائل المحمدية في سجايا الرسول صلى الله عليه وسلم والعامة تنطقها (شمالة)
وكانت شميلة سيدة شريفة عزيزة قوية ذات مكانة في المجتمع وأمها غالية بنت عبد اللطيف بن أبي المعالي القشاشي
جدها أحمد القشاشي صاحب وقف القشاشي الشهير الذي أوقف أمواله وعقاراته في المدينة
المنورة على أبنائه وأبنائهم ما تناسلوا ذكورا وإناثاً وأصبح ريعه يصل إلى أبناء
قبائل شتاء جزاه الله خيرا وعفا عنه وجعل الجنة مثواه وهذا الوقف الذي قضى جدي أحمد رحمه الله جل حياته في المحاكم الشرعية
كي يثبته بصكوك شرعية وهو ماحصل وكان من قبل شذرا مذرا جعل الله ماقام به في ميزان
حسناته وأسكنه فسيح جناته ، ولن نستقصي في هذا النسب
الشريف ولكن حسبك من القلادة ما أحاط
بالعنق وغالية هي عالمة من عالمات المدينة وقد ترجم لها الزركلي المؤرخ
الدمشقي الشهير في تاريخه في حرف الغين وجدها هو أحمد القشاشي المقدسي ثم المدني سكناً والمالكي مذهباً والحسيني نسبا والذي يعود نسبه إلى زين العابدين علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحدى جداته
بنت أبي تميم الداري الصحابي الجليل رضي الله عنه ( كتاب علماء المدينة في القرن
الحادي عشر) و بهذا قد جمع الله لوالدي المجد من أطرافه وآه لو الآباء والأجداد
يشترون بالمال أو يوزنون به وآه لو المجد التليد يشترى بالمال لكان اللئام الأنذال
اللذين لم يكونوا شيئا مذكوراً أعز الناس ولكن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
و إستقال من الإمامة لجامع المضيق عام 1427 هجري بعد أن ظل إماماً مدة 57 عاماً كأقدم إمام في منطقة المدينة المنورة رحمه الله .
و إستقال من الإمامة لجامع المضيق عام 1427 هجري بعد أن ظل إماماً مدة 57 عاماً كأقدم إمام في منطقة المدينة المنورة رحمه الله .
جهوده رحمه الله في محاربة البدع والشرك
والعادات الجاهلية :
حارب البدع والضلالات والشركيات التي كانت منتشرة في ذلك الزمان فقد مزق الأعلام الخضر التي كانت توضع على
الزوايا ويعمل عندها الشركيات وألقى بها في قارعة الطريق وقد مرض بعدها مرضا شديدا حتى هرب عنه الناس
أخبرتني بذلك والدتي حفظها الله ومتعها الله بالصحة والعافية لإعتقادهم من جهلهم
أن ذلك عقوبة حلت من سادة هذه الزوايا ثم بعد ذلك شفي ولله الحمد كل ذلك من تلبيس إبليس
على الناس , وقد ذهبت معه وأنا صغير جدا لقطع شجره وأذكر أنه كان تحتها مبخرة
وأطعمة للسادة والأولياء بزعمهم وقطعها والدي رحمه الله في عدة أيام حيث كانت
كبيرة جداً وأعرف محلها الآن فضربته شوكة منها في أصبعه السبابة مرض منها مرضا
شديداً وكالعادة هرب عنه الناس وشفي بعد أن أصبح إصبعه السبابة مشوها بدون
ظفر رحمه الله حتى مات والعجيب أن هذا الإصبع المشوه هو من يضغط على القلم عند
كتابة الصلح و الأنكحة وتقدير الجراحات والكسور رحمه الله تعالى وجعل ذلك شاهدا له
وفي ميزان حسناته.
كما حارب العادات الجاهلية ومنها ما يعرف بالنقي وهو إذا زوج الرجل
ابنته من خارج القبيلة فإن أقارب المرأة من جهة أبيها يقومون بضرب الزوج في وجهه ويشتمون أبا الزوجه ويقاطعونه فكان والدي يرفع لأمارة المدينة عن كل حالة حتى
اندثرت هذه العادة الجاهلية وفي ذيل هذه اللمحات صورة من خطاب وجه من أمارة منطقة
المدينة المنورة لوالدي رحمه الله بهذا الشأن .
وهذه لمحة
بسيطة من أعماله الصالحة التي كان يقوم بها :
كان والدي رحمه الله له هيبة رغم مظهره المتواضع وإسلوبه الهين اللين
وليس لديه سلطة لكن القوم في مجلسه والخصوم تكسوهم السكينة والهدوء فكل يدلي بحجته
بعد أن يأّذن له والدي فلا أحد يشتم أحدا أويكذب او تخرج منه كلمة نابئة يطلب منهم
والدي البينة من وثائق وشهود فإن لم توجد يحدد لهم مجلس آخر كي يحضرها
*وهو يقوم بعمل مصادات للسيول والخصوم عن ملك والده.
1- تقدير جراحات المضاربات
والمشاجرات بين الناس فكانت تأتيه البادية من ( الأبواء ) إلى جبل ورقان وخط
الهجرة السريع ما بين (الحمنة) إلى (المهد) و ما بينهما في الخط السريع لتقدير
الإصابات رجالا ونساء على ما سيأتي حيث لامحاكم ولا مستشفيات ولا مراكز إمارة كانت
له طريقته في تقديرها وعلاجها سواء كانت دامغة أو هاشمة أو آمة أو جائغة أو كسر يد
أو إصبع أو سن وكانت طريقته في تقدير أرش المشاجرات ذلك بأن يقوم بقص الشعر
حول الضربة ان كانت الإصابة في الرأس ثم ينظف الجرح وسبر أغواره بعود كبريت ثم
يقدره ويكتب ذلك في وثيقة تكون مع الطرفين وبعد ذلك يقوم بعلاجه وقد رأيت ذلك بأن
يدق القرنفل مع قماش مصنوع من الكتان يسمى (الرداء) وهو لبس الناس ذلك الوقت حتى
يصير كالرماد ثم يضعه داخل الضربة فينكمش الجرح
وترى هذا المصاب يمشي في سوق المضيق بعد ثلاث صحيحا
معافى والمضاربة في ذلك الحين كانت( بالمشاعيب) والفؤوس ( جمع فأس ) وكذلك العصي
الغليظة والجماليد (جمع جملود من الصخر) فهو طبيب وجراح وقاض يقوم بذلك رحمه الله
داخل منزله بعد أن يكرمهم ولا يأخذ أجره جعل الله ذلك في ميزان حسناته.
وأذكر وأنا صغيرا أن إمرأة وزوجها حضرا معا لوالدي وقد وقعت بينهما مضاربة فدخل الزوج عند والدي في المجلس ويسمى حين ذاك ( دهليس ) والمرأة عند والدتي داخل البيت وقد رأيت في كعب الرجل ضربة يسيل منها الدم و لا أدري أهي ضربة عصى أم حصى وأسمع والدتي أمدها الله بالصحة والعافية تقول لوالدي من فتحة صغيرة في آخر المجلس أن في ظهر المرأة ضربة خضراء بحجم فنجان القهوة و (فنجال القهوه ) آنذاك بقدر حجم ( المغراف ) وأذكر أرش القصاص الذي في الزوج أكثر من الزوجة وقد ذهبا معاً كما حضر رحمهم الله جميعا وهذه القصة ومثلها حصلت أكثر من مرة.
وأذكر وأنا صغيرا أن إمرأة وزوجها حضرا معا لوالدي وقد وقعت بينهما مضاربة فدخل الزوج عند والدي في المجلس ويسمى حين ذاك ( دهليس ) والمرأة عند والدتي داخل البيت وقد رأيت في كعب الرجل ضربة يسيل منها الدم و لا أدري أهي ضربة عصى أم حصى وأسمع والدتي أمدها الله بالصحة والعافية تقول لوالدي من فتحة صغيرة في آخر المجلس أن في ظهر المرأة ضربة خضراء بحجم فنجان القهوة و (فنجال القهوه ) آنذاك بقدر حجم ( المغراف ) وأذكر أرش القصاص الذي في الزوج أكثر من الزوجة وقد ذهبا معاً كما حضر رحمهم الله جميعا وهذه القصة ومثلها حصلت أكثر من مرة.
2-
ومن هذه الأعمال الصالحة أنه حصل نزاع بين رجلين متجاورين في مزرعتين
( بلادين ) في خيف القويبل الأسفل واستنجد كل طرف بجماعته واجتمع الرجال ربما
بالمئات لحصول ذلك في فصل الصيف وحضر والدي رحمه الله وطلب الأسناد والحجج
والوثائق وأخذ يقراها والناس ينتظرون بما
سيحكم والشيطان يرقص على رؤوسهم والكل جاهز للنزال ثم إن والدي بعدما فرغ من قراءة
الحجج والوثائق طلب من رجل أن يحفر بين المزرعتين
مسافة نصف متر فظهر أساس الحد ( ساس )
ثم أمره يبني عليه ظفيرة من حجر حتى ارتفع على وجه الأرض ثم أمر رجلين بأن
يقوما من الغد بفتح ( الأساس) من الشمال
الى القبلة ويقوما برفعه نصف متر وأجرتهما على المتخاصمين مناصفة ثم جدد الكتابة
وأشهد الشهود وانتهت بذلك المشكلة وفاضت الجموع في لحظات وأخذ من بقي منهم وهم قلة
يدعون له ثم ذهب إلى منزله وأنا أتبعه وتناول ما تيسر له من طعام ثم نام القيلولة
وكأنه لم يفعل شيئا ولم يأخذه الكبر والعجب فالله دره من رجل متواضع جعل الله ذلك
في ميزان حسناته إنه رحيم كريم والقصص في ذلك كثير .
3- قصة أخرى سقط رجل مسن من نخلة طويلة نقل على إثرها إلى منزله وهو
رجل منقطع ليس له قرابة في القرية ولا
يحضر إلا أيام الصيف فذهبت مع والدي إليه في داره بعد العشاء نمشي على ضوء (الفانوس)
بالطعام والعلاج فدخلنا منزل مظلم فإذا
الرجل يئن فسلم عليه والدي وسأله عن ما به فأشار إلى فخذه فقام والدي رحمه الله
برفع الثوب بعد ما ستر عورته فإذا قد لزق الثوب بالجرح فنزعه نزعا وتبين أنه جرح
كبير في أعلى الفخذ على الورك ولو ذكرت اسمه لعرفه بعض الناس فأزال والدي بعض
الجلد المتهتك ونظف الجرح ووضع البودرة المطهرة والضمادات وتعاهده بالزيارة حتى شفي
تماماً.
4- ومن أعماله الصالحة أنه كان تاجرا مرموقا وكانت له ديونا كثيرة تعد بالآلاف من الريالات وهذه المبالغ في ذلك الزمان تساوي الملايين على بعض الناس وخاصة من البادية ومدونة في سجلات كبيرة جداً قد لا يستطيع حملها إلا شاب قوي قد تكون موجودة حتى الآن وقلت له آنذاك يا والدي لماذا لا تطالبهم بها ,فقال يا ولدي : منهم من مات ومنهم من هو فقير ومنهم من انقطعت أخباره وكلهم يا ولدي سامحتهم لوجه الله تعالى .
ومن الطرائف التي تدل على أمانته وحسن تصرفه رحمه الله تعالى وجعل ذلك في موازين حسناته أنه كان لا يسافر إلى بلدة رابغ لإيصال البريد إلا في الإدلاج (آخر الليل) ﻷن الأرض تطوى كما ثبت في الحديث الشريف وعند وصولنا لمنطقة يقال لها ( تمل) وهي منطقة ذات سباع ضواري قريبة من بلدة رابغ وكنت أنا السائق رأيت في وسط الخط شيء أسود كبير يتحرك في مكانه لا تستطيع المرور منه وعندما اقتربنا منه فإذا هو خروف (نجدي) كبير قد سقط من سيارة وبقي( رابض ) في مكانه كما سقط فحركناه فوجدناه سليماً من الكسور قد سلمه الله من السباع فحملناه في السيارة وعند شروق الشمس توجهنا به إلى سوق الماشية في بلدة رابغ وهناك أخبر والدي ( الدلال ) عن قصة هذا الخروف فنادى (الدلال) في المايكرفون من له خروف سقط في طريق وادي الفرع فليأتي وليبين أوصافه ويستلمه فجاء صاحبه وبـيـّن أوصافه واستلمه و دعى لوالدي رحمه الله وفي الحديث الشريف (لأخيك او للذئب ) ولو أخذه والدي لا إثم عليه ولكنه أراد نفع أخيه المسلم وقيمة الخروف في ذلك الحين تعني الشيء الكثير ما جلبه للبيع إلا ليشتري معيشة وأرزاق لأولاده كما قال والدي، ولك أن تتصور عزيزي القارئ رجل يذهب في مهمة محدده بوقت محدد ولغرض محدد ينحي ذلك جانبا ويضع نفسه مكان ذلك الرجل الذي فقد خروفه والذي يعادل فقده فقد بعض أولاده في زمن الفقر والعازه ويتخيل والدهم وقد عاد لهم ببعض مايأملون من خيرات وأرزاق إنها تراجيديا إنسانية راقية مفعمة بحب الخير للناس وشعور إيماني عميق قل أن يوجد له نظير لكنه الفرق بين الأحياء والأموات وليس الموت موت الجسد ولكنه موت القلوب ،وهذه القصة في أواسط التسعينات الهجرية.
4- ومن أعماله الصالحة أنه كان تاجرا مرموقا وكانت له ديونا كثيرة تعد بالآلاف من الريالات وهذه المبالغ في ذلك الزمان تساوي الملايين على بعض الناس وخاصة من البادية ومدونة في سجلات كبيرة جداً قد لا يستطيع حملها إلا شاب قوي قد تكون موجودة حتى الآن وقلت له آنذاك يا والدي لماذا لا تطالبهم بها ,فقال يا ولدي : منهم من مات ومنهم من هو فقير ومنهم من انقطعت أخباره وكلهم يا ولدي سامحتهم لوجه الله تعالى .
ومن الطرائف التي تدل على أمانته وحسن تصرفه رحمه الله تعالى وجعل ذلك في موازين حسناته أنه كان لا يسافر إلى بلدة رابغ لإيصال البريد إلا في الإدلاج (آخر الليل) ﻷن الأرض تطوى كما ثبت في الحديث الشريف وعند وصولنا لمنطقة يقال لها ( تمل) وهي منطقة ذات سباع ضواري قريبة من بلدة رابغ وكنت أنا السائق رأيت في وسط الخط شيء أسود كبير يتحرك في مكانه لا تستطيع المرور منه وعندما اقتربنا منه فإذا هو خروف (نجدي) كبير قد سقط من سيارة وبقي( رابض ) في مكانه كما سقط فحركناه فوجدناه سليماً من الكسور قد سلمه الله من السباع فحملناه في السيارة وعند شروق الشمس توجهنا به إلى سوق الماشية في بلدة رابغ وهناك أخبر والدي ( الدلال ) عن قصة هذا الخروف فنادى (الدلال) في المايكرفون من له خروف سقط في طريق وادي الفرع فليأتي وليبين أوصافه ويستلمه فجاء صاحبه وبـيـّن أوصافه واستلمه و دعى لوالدي رحمه الله وفي الحديث الشريف (لأخيك او للذئب ) ولو أخذه والدي لا إثم عليه ولكنه أراد نفع أخيه المسلم وقيمة الخروف في ذلك الحين تعني الشيء الكثير ما جلبه للبيع إلا ليشتري معيشة وأرزاق لأولاده كما قال والدي، ولك أن تتصور عزيزي القارئ رجل يذهب في مهمة محدده بوقت محدد ولغرض محدد ينحي ذلك جانبا ويضع نفسه مكان ذلك الرجل الذي فقد خروفه والذي يعادل فقده فقد بعض أولاده في زمن الفقر والعازه ويتخيل والدهم وقد عاد لهم ببعض مايأملون من خيرات وأرزاق إنها تراجيديا إنسانية راقية مفعمة بحب الخير للناس وشعور إيماني عميق قل أن يوجد له نظير لكنه الفرق بين الأحياء والأموات وليس الموت موت الجسد ولكنه موت القلوب ،وهذه القصة في أواسط التسعينات الهجرية.
5-ومن الأعمال التي كان يقوم بها أنه كان خارصاً لثمار النخيل أي مقدر الزكاة في الثمار وقت نضوجها في منطقة وادي الفرع ووادي الصفراء والأكحل ووادي حجر وزميله في هذا العمل سلامة رشدان الجهني الطبيب الشعبي المعروف قبل أن يطبب وينبغ في الطب الشعبي ومزكي التمور (الجابي) هو عبدالله المسند من أهل القصيم وكان يأتي مرتين كل عام الأولى عند تقدير الزكاة والثانية عند استلام الزكاة ويرافقه كاتب وهو أحد أبنائه إبراهيم رحمه الله وقد أسدى لي معروف عندما كنت في الجامعة الإسلامية حيث كان يعمل ثم محمد مدير فرع وزارة النقل في المدينة سابقا والثالث صالح رجل أعمال وخوي من الأمارة والشيخ سلامة رشدان غير متأكد هل خارص أم مرافق وسائق خادم وطاهي في نفس الوقت ويمكث في كل مرة خمسة عشر يوما وينزل ضيفاً عند والدي في ( البلاد الجداعية ) وقت الصيف في( الصبل )*الأسفل قريب من الوادي وفي المساء يذهبون إلى جوار العين ينامون حولها وكانت والدتي متعها الله بالصحة والعافية تقوم من نصف الليل تعجن وتخبز فطورهم طيلة مكوثهم عندنا ، ووالدي رحمه الله له نظرة في تقدير الزكاة الواجبة في ثمار النخيل كونه فلاح ويعرف ما يعانيه من مشاق وجهد وتكاليف وفي نفس الوقت ينظر لأحوال مستحقي الزكاة بعين الرحمة والشفقة .
6- من أعماله الصالحة أنه كانت له مزرعة في آخر خيف المضيق ذات قنوات
دانية لم يقم بوضع أكياس تحميها من الطيور لأكثر من أربعين عاماً بل يقول تأكل
رزقها ومع ذلك يزداد التمر ولا ينقص وأيضاً بئر تشرب منها السوام والهوام والدواب
والبشر و تملاء منها الصهاريج الصغيرة لا يمنع أحد منها رحمه الله وتسقى مزارع الغير منها حتى بعد موته
وماءها يزيد ولا ينقص ولله الحمد وكان يمنع أولادة وغيرهم من الصيد في المزرعة حيث
ترد الطيور المهاجرة تقبض أجنحتها في جو السماء عندما ترى بريق ماء ( البركة ) لكي
تشرب وتأكل من التمر و تقيل وتعشش وتبيض لا تنفر من والدي وأيضاً حيوانات القرود تنحدر
من الجبال تشرب وتأكل من التمور فكان إخوتي يمنعونها ويطردونها فتأتي في ظلام
الليل وتعبث و تفسد قي المزرعة فنهاهم
والدي رحمه الله عن التعرض لها فكانت تأتي في أطراف المزرعة عند الغروب وعندما رأت
أنهم لا يتعرضون لها غيرت طريقة تعاملها فكانت تأتي بكل أدب تأكل وتشرب وتنصرف حتى
بوجود والدي أحياناً , إنه حقاً مجير الطير والوحش ومقريها رحمه الله وجعل ذلك في موازين حسناته .
*الصبل مبنى مفتوح من الجهتين ليدخل تيار الهواء وربما هو اختصار من
كلمة إسطبل وهو بيت الخيل كعادة البادية في اختصار الأسماء ولعلي أورد طرفة هنا
وهو اني كنت ابيع في دكان والدي ايام الصيف فسألني رجل من البادية هل عندك صجيج
؟! فقلت : لا ثم بعد ذلك أخبرت والدي فقال
لي أن الرجل يقصد نسيج وهو موجود في الدكان .
كرمه رحمه الله :
فكثير جدال ولكن سأذكر نبذة بسيطة وهو أن منزله طوال العام عامر بالضيوف
يأتونه من أعالي وادي ريم إلى ريع العويقر قرب بلدة رابغ أولاً على الإبل ثم على السيارات
وهي قليلة آنذاك تعد على الأصابع أما في الصيف فإن منزله لا يخلو من الضيوف يوميا بل
يأتي ضيوف على الضيوف خاصة وقت الظهيرة وقت علمهم بوجوده المؤكد في المنزل يأتونه إما
لعقد نكاح او سؤاله عن أحكام شرعية أوفي تقدير أرش مشاجرة أو في قراءة وثائق وحجج او
و قسمة ميراثاً وحل مشكلة ونزاع وكان يخرج في قسمة الأراضي بينهم وذرعتها وكأنه مساح
ثم يكتبُ بينهم ويشهد عليهم وان الشخص الذي يقبل على منزلنا أحيانا يظن أنه مقبل على
جامع وليس منزل من كثرة الأحذية أكرمكم الله التي تملأ الحوش ومدخل المنزل وذلك في
زمن الصيف لإجتماع الناس من كل حدب وصوب فيمتلىء مجلسه عن بكرة أبيه وما أن ينادوا
يا حامد يا مطوع حتى يلبي رحمه الله و يهلي ويرحب بهم ويفتح لهما الباب و يقدم لهم
غداؤنا الجاهز إن كانوا قلة واحد أو ثلاثة في زمن لم تكن فيه مطاعم كاليوم ونبقى وهو
معنا بدون غداء وغداؤنا التمر واللبن و ما تيسر وان كانوا كثر قدم لهم التمر الطيب
والقهوة .
وكانت القهوة
تعمل أمامهم بكل تفاصيلها في موضع يتوسط المجلس يقال له (المشب) توقد فيه النار ويحمس البن وتدق القهوة في النجر تغلى عليها الدلتين الكبرى
والصغرى حيث تصب الكبرى التي غلي فيها البن بعد دقة في التي أصغر منها والتي فيها الهيل
والقرنفل والزعفران ،وكنت لا
استطيع حمل الدلة لكثرة ما فيها من قهوة فيطلب والدي من أشب القوم بعمل القهوة ثم إدارتها
على الضيوف (سوقها ) ويشدد عليهم في طعام العشاء ولكن الأغلبية تعتذر كونهم أتوا من مكان بعيد
ويريدوا أن يذهبوا قبل ظلام الليل .
وان وجهه ليتهلل بوجودهم يسألهم عن آبائهم وأقاربهم يمازحهم يقدم أطيب الكلام كما يقدم لهم أطيب الطعام حتى لتظنه هو الضيف وهم أهل الدار يصب على أيديهم الماء ويناولهم الصابون والمناشف في زمن لا يعرف ذلك إلا القليل وبذلك انطبق عليه قول الشاعر :
وإني لعبد الضيف مادام نازل
ولا شيمة لي غيرها يشبه العبد
وان وجهه ليتهلل بوجودهم يسألهم عن آبائهم وأقاربهم يمازحهم يقدم أطيب الكلام كما يقدم لهم أطيب الطعام حتى لتظنه هو الضيف وهم أهل الدار يصب على أيديهم الماء ويناولهم الصابون والمناشف في زمن لا يعرف ذلك إلا القليل وبذلك انطبق عليه قول الشاعر :
وإني لعبد الضيف مادام نازل
ولا شيمة لي غيرها يشبه العبد
وفي قصة أخرى
له اذكر انه في مرة قدم خروفا بكامله لم ينقص منه شيئا على الصحن بكامله والسكين مغروزة
في ظهره فقام رجل من الضيوف بقطع جزء منه لأهل البيت فأعطاني إياه فذهبت به لوالدتي
وكانت والدتي متعها الله بالصحة والعافية عونا له في إكرام ضيوفه بلا كلل ولا ملل وكانوا
يحلفون عليه أن يجلس ليأكل معهم فيخفض السراج ويضع يده معهم في الصحن وهو لا يأكل وهم
يظنوه يأكل فهولا يشبع ليلة يضاف هذا في زمن كانت فيه الحياة صعبة ولا يتوفر اللحم
إلا نادرا رحمه الله واسكنه فسيح جناته وقد أخبرتني والدتي متعها الله بالصحة والعافية
أنها طبخت خروفين في يوم واحد في وقت واحد لضيوف أتوا على الضيوف لكل ضيف موجبه حصل
ذلك مرات عديدة.
وقد أخبرني أحد أعمامي وهو حي يرزق متعه الله بالصحة والعافية أنه كان
غلاما يلعب بجوار- العين ـ فأتوه قوم وقالوا تلعب هنا و أخوك المطوع الضيوف عليه
كأنهم الغمام اذهب فساعده رحمه الله لو رأته الخنساء رحمها الله لقالت فيه كثير
الرماد في الصيف و إذا ما شتاء وفي كل الفصول ولم تقل في أخيها صخر كثير الرماد
إذا ما شتاء وكانت والدتي ترفع الرماد من المشب كل أسبوع .
و نفعه رحمة الله يصل لإخوانه وأبنائه وللناس ويذكر ذلك أهل الوفاء
منهم , فقد زوج أبنائه التسعة وتحمل جميع تكاليف الزواج وبعضهم زوجه مرتين وتحمل
نفقات ذلك ووزع على أبنائه أكثر من مليون ريال ذكوراً وإناثاً وشمل ذلك زوجتيه وأوقف
لزوجتيه عمارتين يتصرفان فيهما مدة حياتهما وإذا ماتتا تعودان لورثتهما وهذا قمة
الوفاء حياً وميتاً .
حلمه وآناه
رحمه الله :
عن حلمه وصفحه وترفعه عن اللغو وعن السفهاء ومجارات الجهلاء فكثير جدا
و أهل الإنصاف من الناس يعرفونها ولكن سأكتفي بقصة أو قصتين وهي أن رجلا شكى أحد أعمامي
إلى قاضي محكمة وادي الفرع في - الفقير-
فالرجل استفز عمي فرد عليه عمي ردا قاسيا وكان
في محضر من الناس فما كان من هذا الرجل إلا أن أشهد الناس وتقدم بشكواه وحدد لهما القاضي
جلسة كانت يوم الأحد على أن يـُحضر شهوده وإذا شهدوا فإنه سوف يعاقب عمي عقابا شديدا وقدر الله سبحانه وتعالى
أن ابن أخ الشاكي لعمي وزوج ابنته تطاول على والدي أمام الناس في مدخل سوق المضيق بكلام
فيه من التهم والأكاذيب وعندما انتهى هذا الشخص قال له والدي هل بقي لديك شيء فإن بقي
لديك شيء فهاته فقال الرجل لا الكلام ما سمعت فأشهد عليه والدي القوم الحاضرين وانصرف
فلاموه الناس وقالوا لهذا الرجل لقد أخطأت على المطوع وهو ليس سهلا وليس سهلا ما قلته
في حقه فلحق الرجل بوالدي يستعطفه ويتودد إليه بأحب الألقاب لدية ويطلب منه العفو والصفح
فلما أكثر عليه التفت إليه والدي قائلا له اطلب من عمك الشاكي لأخي يأتيني في بيتي
هذا المساء وفعلا أتى عمه لوالدي في بيته بعد المغرب يتوجه على والدي بالصفح عن ابن
أخيه قال له والدي تنازل أنت أولا عن أخي قال حبا وكرامة قال إذن تأتي غدا بعد الفجر
وكان ذلك يوم الأحد وتفطر عندي وآخذك بسيارتي إلى الفقير وتتنازل أمام القاضي قال نعم
وحصل ما كان و كل ذلك وعمي في المدينة المنورة لا يعلم شيئا منتظرا يوم الأحد على أحرمن
الجمر رحم
والدي واسكنه فسيح جناته .
وفي قصة أخرى يدخل سوق المضيق قوم
مجتمعون يناديه أحدهم وهم يضحكون يا مطوع فلان يقول فيك كيت وكيت يعرض عنهم يمر
مرور الكرام يلحق به الرجل بعد أن دخل دكانه إنهم يكذبون عليّ لم أقل فيك شيء
يلتفت إليه والدي بكل حلم لا تثريب عليك ولكن لا تجلس مع هؤلاء القوم فإنهم قوم
سوء يذهب الرجل يخبر القوم يأتون إليه يعتذرون إنما كنا نخوض ونلعب و ينهاهم والدي اتقوا الله وأعطو الطريق
حقه و بـيـن لهم ذلك الحق الذي ورد في الحديث الشريف .
وكان رحمه الله ينقل خصومه بسيارته للجلسات التي شاكوه فيها اذ يجدهم في الطريق
ينتظرون من يقلهم لحضور الجلسة في قرية الفقير ثم يعيدهم مرة أخرى بعد نهاية
الجلسة الى قرية المضيق أو غيرها وأمام هذا الموقف الإنساني النبيل يتنازل بعض
خصومه ومنهم من يستمر فيخسر القضية ،انه موقف قل له نظيره لكنه الصدق والثقة
بالنفس والحلم والرجولة وسمو النفس.
بره بوالده رحمه الله
ذكر لي قصه رحمه الله في معرض تأديبه لي وهي أن والده الشيخ أحمد بن
عتيق رحمه الله جاء من سفر بعد صلاة العشاء من المدينة المنورة ونسي (شنطة)مربوطة
في (حنايا) الوانيت وكان صاحب -الوانيت- من أهل قرية (ام العيال) يقال له القاضي
على ما أذكر وربما كان هو الوحيد في ذلك الحين الذي يملك سيارة وهذه القصة قبل أن
أولد أنا فأمره والده بأن يحضر له الشنطة في الحال ولم يمهله إلى الصباح فما كان
من والدي إلا أن انصاع لأمر والده وسرى من ليلته على ظهر حمار والمسافة بين المضيق
وقرية أم العيال (20) كيلاً تقريبا وهي ذات سباع ضواري وقتل عمي ضيف الله ( متعه
الله بالصحة والعافية ) عدد منها عندما كان يعمل على هذا الخط في ليلة مظلمة وباردة
وعاد بالشنطة قبل صلاة الفجر وقد كانت ثقيلة حسبما ذكر لي وسلمها لوالده وفي هذه
القصة يظهر بره لوالده وشجاعته رغم صغر سنه وأمانته حيث لم يفتح الشنطة وضحى بنفسه
ولم يتردد في إجابة والده وكان رحمه الله يخدم مال والده في وادي الفرع طيلة حياته
حتى أقعده المرض وكان يدافع أشد ما تكون المدافعة يعمل فيه بنفسه وكنت أذهب
بالفطور إليه وهو يعمل مصدات للسيول عن ملك والده.
خطه وكتابته رحمه الله :
كان خطه رحمه الله يجمع بين الخط القديم والحديث وله طريقة في كتابة الحروف وخاصة حرف الميم سواء كان في أول الكلمة أو في وسطها او أخرها و في تناغم الحروف وتنافرها وتداخلها ولو تأملت كتابته في ورقة بيضاء غير مسطرة لظننتها لوحة فنان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
كان خطه رحمه الله يجمع بين الخط القديم والحديث وله طريقة في كتابة الحروف وخاصة حرف الميم سواء كان في أول الكلمة أو في وسطها او أخرها و في تناغم الحروف وتنافرها وتداخلها ولو تأملت كتابته في ورقة بيضاء غير مسطرة لظننتها لوحة فنان رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
مكانة
المذياع لديه:
لعله أول من أحضر المذياع في قرية المضيق في آخر الستينات وبداية السبعينات الهجرية حسب علمي أحضرة من مدينة جدة حيث كان يعمل وأول مذياع رأيته عند والدي كان كحجم التلفزيون 18 بوصة يوضع في فتحة في الجدار كفتحة المكيف يعمل على بطارية موصولة بسلك وكان يسمر عنده بعد العشاء رجال من الأعيان يستمعون إليه يشرح لهم أبي مايشكل عليهم فهمه ولا يتعدى وجودهم الساعتين أو أقل ثم جاء بعد ذلك المذياع بأحجامه المختلفة ومع ذلك بقي إنتشاره محدود لعدم إهتمام الناس به أو بالأحرى لعدم فهمهم لما يذاع به أو لعدم وجود فراغ لديهم كان محبا للمذياع رحمه الله يستمع كثيرا لإذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة وخاصة برنامج صور من حياة الصحابة للشيخ باشميل رحمه الله وذلك في الثمانينات الهجرية وقد علق بذهني من البرامج التي كان يستمع إليها وأنا صغير نشرة الأخبار في الثانية والنصف ظهرا من إذاعة الرياض ثم بعدها خطب الملك فيصل رحمه الله والتي كان يهاجم فيها الشيوعية الإلحادية كثيرا ويربطها بالصهيونية حيث المنظرين لها من اليهود من أمثال ماركس ولينين وتعليق المذيع الشهير بدر كريم عليها وكان يستمع أيضا إذاعة هنا لندن التي تبث من القسم العربي من هيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي وعلق في ذهني من مذيعي هذه الإذاعة في تلك الفترة محمد رمضان الذي اتهم القذافي باغتياله ومحمد خير البدوي والصادق المهدي زعيم حزب الأمة الآن في السودان رشيدة المدفعي ذات الصوت المرعب خاصة في قراءة الأخبار وهدى الرشيد المذيعة السعودية وبرنامج ( قول على قول ) لعلي الكرمي وغيره ، وكان يراسل الصحف والمطبوعات تأتيه في البريد مجلة البحوث والإفتاء وكانت تشبه ورق الصحف ولم تكن طباعتها فاخرة كاليوم ومجلة المنهل للأنصاري والعربي الكويتي والقافلة التي تصدر عن أرامكو ومجلة العرب لحمد الجاسر التي تهتم بالأماكن والأودية والجبال مازلت احتفظ ببعض أعدادها وكذلك مجلة هنا لندن وقد عرفت من خلالها الفرق الانجليزية في كرة القدم فريقي - ليفربول ومانشستر- اللندنين واللاعبين الانجليز قبل أن أنتقل للمدينة للدراسة أي قبل عام 1392هجرية كان والدي رحمه الله يتحرى إعلان ثبوت دخول رمضان من الراديو وإعلان العيد ويجهز بندقية لديه ( مقمع) يشحنها بالبارود وما إن يثبت ذلك حتى يقوم بإطلاق عدة طلقات من سطح البيت يسمعها أهل القرية ومن حولها من البادية ومن خلالها يعرفون أن رمضان قد دخل ويفعل ذلك أيضا عند حلول العيدين وكان يقصر صوت المذياع حتى تنتهي الموسيقى التي ترافق نشرة الأخبار أو تكون فاصلة بين البرامج .
لعله أول من أحضر المذياع في قرية المضيق في آخر الستينات وبداية السبعينات الهجرية حسب علمي أحضرة من مدينة جدة حيث كان يعمل وأول مذياع رأيته عند والدي كان كحجم التلفزيون 18 بوصة يوضع في فتحة في الجدار كفتحة المكيف يعمل على بطارية موصولة بسلك وكان يسمر عنده بعد العشاء رجال من الأعيان يستمعون إليه يشرح لهم أبي مايشكل عليهم فهمه ولا يتعدى وجودهم الساعتين أو أقل ثم جاء بعد ذلك المذياع بأحجامه المختلفة ومع ذلك بقي إنتشاره محدود لعدم إهتمام الناس به أو بالأحرى لعدم فهمهم لما يذاع به أو لعدم وجود فراغ لديهم كان محبا للمذياع رحمه الله يستمع كثيرا لإذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة وخاصة برنامج صور من حياة الصحابة للشيخ باشميل رحمه الله وذلك في الثمانينات الهجرية وقد علق بذهني من البرامج التي كان يستمع إليها وأنا صغير نشرة الأخبار في الثانية والنصف ظهرا من إذاعة الرياض ثم بعدها خطب الملك فيصل رحمه الله والتي كان يهاجم فيها الشيوعية الإلحادية كثيرا ويربطها بالصهيونية حيث المنظرين لها من اليهود من أمثال ماركس ولينين وتعليق المذيع الشهير بدر كريم عليها وكان يستمع أيضا إذاعة هنا لندن التي تبث من القسم العربي من هيئة الاذاعة البريطانية البي بي سي وعلق في ذهني من مذيعي هذه الإذاعة في تلك الفترة محمد رمضان الذي اتهم القذافي باغتياله ومحمد خير البدوي والصادق المهدي زعيم حزب الأمة الآن في السودان رشيدة المدفعي ذات الصوت المرعب خاصة في قراءة الأخبار وهدى الرشيد المذيعة السعودية وبرنامج ( قول على قول ) لعلي الكرمي وغيره ، وكان يراسل الصحف والمطبوعات تأتيه في البريد مجلة البحوث والإفتاء وكانت تشبه ورق الصحف ولم تكن طباعتها فاخرة كاليوم ومجلة المنهل للأنصاري والعربي الكويتي والقافلة التي تصدر عن أرامكو ومجلة العرب لحمد الجاسر التي تهتم بالأماكن والأودية والجبال مازلت احتفظ ببعض أعدادها وكذلك مجلة هنا لندن وقد عرفت من خلالها الفرق الانجليزية في كرة القدم فريقي - ليفربول ومانشستر- اللندنين واللاعبين الانجليز قبل أن أنتقل للمدينة للدراسة أي قبل عام 1392هجرية كان والدي رحمه الله يتحرى إعلان ثبوت دخول رمضان من الراديو وإعلان العيد ويجهز بندقية لديه ( مقمع) يشحنها بالبارود وما إن يثبت ذلك حتى يقوم بإطلاق عدة طلقات من سطح البيت يسمعها أهل القرية ومن حولها من البادية ومن خلالها يعرفون أن رمضان قد دخل ويفعل ذلك أيضا عند حلول العيدين وكان يقصر صوت المذياع حتى تنتهي الموسيقى التي ترافق نشرة الأخبار أو تكون فاصلة بين البرامج .
كان رحمه الله لا يترك مناسبة إلا ويخاطب ولاة الأمر بدءًا من الملك
سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله رحمهم الله ويخاطبهم
مهنئاً أو مؤيداً ومبايعاً و مستنكراً أو معزياً وكان رحمهم الله يبادلونه المخاطبة
مثمنين ومقدرين ذلك .
وكان رحمه الله ينام سليم القلب على الناس مهما أساؤا ينام قرير العين
عن شوارد الكلام ينام بعد أن يصلي ركعتين ينام منذ أن يضع رأسه على الوساد ولا
يتعار في نومه ولا يقلق مهما كانت المشاكل رغم أنها تطارده منذ نعومة أظفاره حيث كان
هدف للرماة من كل حدب وصوب ولكن الله سلم فالسيل حرب للمكان العالي ، وكان إذا
حزبه أمرا اضطجع وغطى وجهه ولا أرى إلا أصابع قدميه تتحرك أعرف منها أنه يفكر
ويتدبر وعند انبلاج الفجر فإذا الله سبحانه وتعالى قد فتح عليه بالفرج ووجد
الحل،وكان رحمه الله لا يترك قيام الليل صيفا وشتاء وينام وطهوره عند رأسه إبريق
من معدن يشبه البرمة اليمانية يعرض عليه عود أو ما أشبه لأن في السماء داء ينزل
مره في العام كما ورد في الحديث , وإن القطط لتأتي وتشرب منه لأنها اعتادت وجوده
وأحيانا يقوم من الليل فيملؤه من( الحنفية ) ولعلي أورد هنا قصة تدلل على ما ذكرت
إذ كنا ننام على سطح المنزل فجاء قط كبير فأدخل رأسه في الإبريق ليشرب ولم يستطع
أن يخرجه وأخذ يصيح ورأسه داخل الماء وقد أفزعنا صوته ونحن صغار فقام والدي رحمه الله
بإلقاء بطانية عليه حتى لا يؤذيه وعالج رأس القط حتى أخرجه من الإبريق ولا ندري من
حلاوة الروح هل قفز القط إلى الحوش أو إلى الشارع
ولم نعد نرى ذلك القط بعد هذه العلقة رحمه الله كان رحيما حتى بالحيوان .
وكان رحمه الله لا يسهر أبدا حتى في الأعراس والمناسبات يأخذني بيدي
ولا نغسل أيدينا إلا في المنزل إذا كان قريب منا والعشاء في ذلك الحين بعد صلاة
العشاء مباشرة حتى لا يسمع صوت الزير حين يحتفون الناس بهذه المناسبة ولم أره في
حياتي ينام بعد صلاة الفجر إطلاقا.
في
خصومته رحمه الله :
في خصومته رحمه الله إذا خاصم أو خوصم لا يفجر ولا يظلم ولا يكذب بل يصفح
ويعفو و ينصف من نفسه ولا يقدم على شيء
فيه معصية لله بل يدافع عن حقه ونفسه ويحتاط للأمور و يبتعد عن الدنيا و سفاسف
الأمور من ذلك أن رجلا شكاه وهو الآن حيا يرزق بأنه عقد على زوجته وهو لم يطلقها
اغووه شياطين الإنس والجن ونفسه الظلومة فحدد قاضي محكمة وادي الفرع جلسة فأحضر
والدي رحمه الله شهوده من أعالي الجبال وحضر قبل الجلسة بوقت فدخل إحدى الغرف فنام
حيث كان سهران وحين حان وقت الجلسة للنظر في القضية بحثوا عنه فوجدوه نائم وقالوا
المطوع نام فقال له رجل أتنام وأنا لي أسبوع لم أنم وأنا شاهد فأخذ القاضي يمازح
والدي ويقول أنى لك أن تنام ألا تخاف فقال
له والدي مما أخاف وأنت تحكم بالبينة وأنا لدي ثلاث بينات الأولى إقرار على والد
الزوجة أن ابنته طلقت ثلاثا وأن عدتها انتهت والثانية إقرار على الشهود بأنها طلقت
ثلاثا وعدتها انتهت والثالثة شهودي أحضرتهم في حوش المحكمة فقال القاضي عجيب ما سمعت
لقد انتهينا إذن وسوف أفعل بخصمك كذا وكذا قال له والدي في إنصاف تام هذا شأنك
ولكن بالنسبة لي فقد أخزاه الله وسود وجهه أمام الناس والقبائل ،ثم أصبحت صداقة
بين والدي والقاضي حتى بعد انتقاله وتقاعده وزرناه في بيته في المدينة المنورة عدة
مرات وكان يحيل لوالدي كثير من المشاكل والقضايا المتنوعة فيحلها والدي ويشكل
اللجان برئاسته فكان بمثابة لجنة الإصلاح الآن ويعتمد القاضي ما يصدر عن هذه
اللجنة وكانت تسند أليه رئاسة اللجان من قبل المحكمة الشرعية ومن مركز الأمارة في
وادي الفرع إذا شكلت وعضوا دائماً فيها إذا شكلت من قبل إمارة منطقة المدينة
المنورة أو من المحكمة الشرعية في المدينة المنورة وكانت هذه الجهات تخاطبه مباشرة
حسب ما سأبينه من صور لهذه المكاتبات في ذيل هذه اللمحات .
طريقته
في عمل اللجان عند حل المشاكل والقضايا:
كانت طريقته عند حل المشاكل المعضلة اذكرها لعل أن يستفيد منها
المستفيد وهو أنه لايتكلم ابتداء بل يترك الكلام لكل عضو ليدلي برأيه في المشكلة
ثم يأخذ الصالح من أقوالهم ويضيف إليه رأيه فيكون هو الرأي الصائب والذي تجمع عليه
اللجنة .
كان لايحقد ولا يغضب ان شكاه أو خاصمه أو نازعه أحد بل يعفو ويصفح وربما أوصلهم بسيارته وباع واشترى منهم ودعاهم إلى بيته وربما أعطاهم من حقه إذا طلبوا ذلك بعد الخصومة وهذه سجية من والده رحمه الله فكان خصوم جدي احمد بن عتيق لا ينالون حقه بقوة بنان ولا بقوة بيان فإذا عجزوا أتوه أذلاء ينخونه - تكفى يا أبا حامد - فينتخي لهم كنخلة باسقة مثمرة إذا هززتها تساقط رطبا جنيا فيعطيهم مجرى ماء أو طريق في ملكه أو فتحة باب أو غير ذلك ذرية بعضها من بعض ولا يفعلها إلا القليل من الرجال أولي المرؤات رحمه الله.
ولعلي استدرك على ما كتب سابقا عن عقيدته رحمه الله بورقة كتبها بخط يده وموضوعها عن حكم التمائم و ما يعلق على الأطفال حين الفزع والأرق والعين فقد ذكر مايلي :
إن حكم تقلد التمائم شرك ولكن اختلف السلف رحمهم الله فيما يعلق على الأطفال حين الفزع والعوارض النفسانية والعين فقد أجاز مجموعة من السلف جواز تعليق آيات من القرآن وسور على الأطفال للأسباب السابقة وساق أدلتهم وعارض بعض السلف وساق أدلتهم وذكر أنه لايجوز تعلق شيء كتب بغير العربية عند المجيزين وقد ذكر أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية مرتين وتلميذه ابن القيم رحمهما الله في زاد المعاد وذكر أقوال شيخ الإسلام المجدد قامع الشرك في جزيرة العرب الإمام محمد بن عبد الوهاب في شرح كتاب التوحيد مرتين واستدل بما ورد في مسند الإمام احمد بن حنبل وما ذكره الإمام السيوطي وستعرض هذه الورقة مرفقة في ذيل هذه اللمحات ورغم دراسته البسيطة لكنه رجل متمكن من العلوم الشرعية ومثل هذه التفاصيل يدرس في كليات الشرعية لكن قاتل الله الجهل والقلوب المريضة .
كان لايحقد ولا يغضب ان شكاه أو خاصمه أو نازعه أحد بل يعفو ويصفح وربما أوصلهم بسيارته وباع واشترى منهم ودعاهم إلى بيته وربما أعطاهم من حقه إذا طلبوا ذلك بعد الخصومة وهذه سجية من والده رحمه الله فكان خصوم جدي احمد بن عتيق لا ينالون حقه بقوة بنان ولا بقوة بيان فإذا عجزوا أتوه أذلاء ينخونه - تكفى يا أبا حامد - فينتخي لهم كنخلة باسقة مثمرة إذا هززتها تساقط رطبا جنيا فيعطيهم مجرى ماء أو طريق في ملكه أو فتحة باب أو غير ذلك ذرية بعضها من بعض ولا يفعلها إلا القليل من الرجال أولي المرؤات رحمه الله.
ولعلي استدرك على ما كتب سابقا عن عقيدته رحمه الله بورقة كتبها بخط يده وموضوعها عن حكم التمائم و ما يعلق على الأطفال حين الفزع والأرق والعين فقد ذكر مايلي :
إن حكم تقلد التمائم شرك ولكن اختلف السلف رحمهم الله فيما يعلق على الأطفال حين الفزع والعوارض النفسانية والعين فقد أجاز مجموعة من السلف جواز تعليق آيات من القرآن وسور على الأطفال للأسباب السابقة وساق أدلتهم وعارض بعض السلف وساق أدلتهم وذكر أنه لايجوز تعلق شيء كتب بغير العربية عند المجيزين وقد ذكر أقوال شيخ الإسلام ابن تيمية مرتين وتلميذه ابن القيم رحمهما الله في زاد المعاد وذكر أقوال شيخ الإسلام المجدد قامع الشرك في جزيرة العرب الإمام محمد بن عبد الوهاب في شرح كتاب التوحيد مرتين واستدل بما ورد في مسند الإمام احمد بن حنبل وما ذكره الإمام السيوطي وستعرض هذه الورقة مرفقة في ذيل هذه اللمحات ورغم دراسته البسيطة لكنه رجل متمكن من العلوم الشرعية ومثل هذه التفاصيل يدرس في كليات الشرعية لكن قاتل الله الجهل والقلوب المريضة .
هو رجل يملك
زمام المبادرة وروح المباغته والإقناع بما
لديه من ملكه وذكاء ورصيد كبير بمعرفة الرجال والقبائل ومن ذلك أنه أحيل للتقاعد
من البريد وراتب العائد التقاعدي قليل فذهب لمعالي وزير البريد والبرق والهاتف في
ذلك الحين معالي الشيخ علوي درويش كيال في قصره وصادف خروجه من قصره فأشار إليه
والدي فوقف وقال له والدي أريدك في موضوع فعاد معه وأدخله معاليه الى قصره وقدم له الشاي بنفسه فبادره والدي بسؤاله عن أعمامه فلان وفلان وأخواله
وإخوانه لأنه كان يعرفهم عندما كان والدي يعمل في جدة والوزير يجيب وعندما رأى وجه
الوزير انشرح له طلب أن يعينه على عقد فوافق الوزير وكتب له ورقة صغيرة إلى وكيل
الوزارة عمر باناجه ولعلي لم أنسى الاسم ويا ليت وزرائنا الحاليين يقتدون
بالسابقين ولكن الأسر العريقة لا تنجب إلا رجل عريق فجزاه الله هذا الوزير خيرا
ومتعه الله بالصحة والعافية في طاعته إن كان حيا ورحمه الله رحمة واسعة إن كان
ميتا ثم إن والدي رحمه الله ذهب إلى وكيل الوزارة باناجه وسأله بداية عن والده وعن
إخوانه وعن أخواته فلانة وفلانة وذكره بما كان بفعل معه والدي وهو صغير عندما كان
يعمل عندهم في عمارتهم في جده القديمة فرحب به وأكرمه وأعطاه كل ما طلب وفوق ذلك أعطاه
رقم هاتفه المباشر الخاص وكذلك فعل مع وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ
عندما تم نقل عملي للوزارة في الرياض .
والمواقف المشابهة مع الأمراء والمسؤولين كثيرة.
والمواقف المشابهة مع الأمراء والمسؤولين كثيرة.
خلقه وطبائعه رحمه الله :
لم يكن رحمه الله متجهم الوجه بل ترتاح النفوس لرؤيته و تعابير وجهه
توحي للرائي الخير والصلاح متواضع مع الصغير والكبير والفقير والغني لطيف المعشر لا
يزهو ويفتخر بعمل من أعمال الخير لا يرجو المديح من وراء ذلك يأكل ما يجد ويلبس ما
يجد ينام على الحصير أو على الرمل أو على السرير سيان عنده يفطر أحيانا على تمر وقهوة
ويذهب لشأنه يأتيه الضيوف في المزرعة يظنونه عامل مزرعة ثم يغيب عنهم دقائق ويأتيهم وكأنه قاضي محكمة أو وزيرا لم
يكن فاحشا ولا متفحشاً ولا شتاماً ولا سباباً ولا بذيئً ولا يمشي مصعرا خده ولا
مختالا فخورا في مشيته يمشي قصدا لا بالسريع الخفيف ولا البطيء الكسلان لا يلتفت
تلفت الثعلب المذعور ولا يتوقف توقف المريب الذي يسأل عن كل سواد مقبل حتى في قيادته
للسيارة كان يقود قصداً حتى قال له بعض الشباب يا عم حامد أنت لا تسرع ونحن ننطلق
من المدينة المنورة معاً ونسرع سرعة جنونية ونصل معا ! كيف هذا ؟ قال نعم يا ولدي
أنتم تسرعون وفي كل قهوة تجلسون وأنا معي شرابي وزادي يقصد به التمر ولا أتوقف إلا
للصلاة تصـلون تعاباً منهكين وأصل مرتاح وربما أقوم بعمل في مزرعتي فقال الشاب
صدقت.
أما في السفر فقد كان رحمه الله خادم القوم يجمع الحطب يوقد النار يحضر الماء يطلبون منه أن يستريح كي يخدمونه ويأبى وهو كما قال الملك الظليل ابن الملوك من آل كنده :
أما في السفر فقد كان رحمه الله خادم القوم يجمع الحطب يوقد النار يحضر الماء يطلبون منه أن يستريح كي يخدمونه ويأبى وهو كما قال الملك الظليل ابن الملوك من آل كنده :
وقربة أقوام جعلت عصامها *
على كاهل مني ذلول مرحل
على كاهل مني ذلول مرحل
فهذا الملك يفتخر بحمل القرية وكأنه جمل مخصص لذلك كل ذلك خدمة
لأصحابه مع أنه أشرفهم (خادم القوم سيدهم ) .
وقد حججت معه في التسعينات الهجرية بسيارته وكنت أنا السائق ومعنا
حجاج بالأجرة بعضهم مازال حيا وبعضهم قد مات وقد كان يلاطفهم ويؤانسهم بالحديث
ويعلمهم مناسك الحج وعند العودة يحدثهم بالأحاديث النبوية الشريفة وقصص الرجال
وكلما طال الطريق تهلل وجهه بالبشر تخال أنهم هم مالكو السيارة وهو الراكب معهم
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته يترك فضول الكلام ولا يخوض فيما لا يعنيه يمر على
اللغو مرور الكرام يتصام عن السفيه والجاهل وليس بأصم يتعامى عن منظر سيئ وليس
بأعمى يتغافل عن كلمة طائشة وليس بمغفل يتخادع وليس بمخدوع كما قال عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ( لست بالخب والخب لا يخدعني ) سريع إلى الخير بطيء عن الشر يلحق من سبقه
ويتعب من بعده .
هو جبل و جمل جـبـل منيف على شاطئ محيط تلاطمه الأمواج وتتكسر على
جنباته تضربه الأعاصير والأرواح وهو صامد يلجأ إليه كل هارب و يأوي إليه كل تائب ,
يستظل به الراكبون والراجلون وينامون في ظله , جمل في صبره وتحمله وجلده وعدم
قنوطه ويأسه يحمل من القضايا و المشاكل ما تنؤ به العصبة أولي القوه من الرجال
فينهض بها عندما يعجز عنها الآخرون .
تواضعه
رحمه الله:
لم يكن رحمه الله متجهم الوجه بل ترتاح النفوس لرؤيته و تعابير وجهه
توحي للرائي الخير والصلاح كما أسلفت سابقاً هو رجل صـريح لا تأخذه في الله لومة
لائم يواجه الرجل في وجهه لا يطعنه في ظهره لا يتلون ولا يميل مع الريح حيث مالت لا
يداهن في الحق متواضع مع الصغير والكبير الغني والفقير لطيف المعشر لا يزهو ولا
يغتر ويفتخر بعمل من أعمال الخير قام به لا يرجو المديح من وراء ذلك لا يستجدي
محبة الآخرين وتكريمهم له على حساب معتقده ومبادئه وعزة نفسه وكبريائها وكرامتها يفرض
محبته على الناس لصدقه و أمانته وقوله الحق وعدله يسخط الناس برضاء الله فيرضى عنه
الله ويرضى عنه الناس لا يحب الظهور واستشراف المظاهر وطلب المناصب يجلس في منزله فيأتونه
يأخذونه ليصلح بينهم او يعود لبيته بعد صلاة الظهر ليتناول طعام الغداء وينام
القيلولة يجد الناس عند الباب أو يلحقوا به قبل أن يدخل منزله فيأخذونه يصلح بينهم
أو يحل مشاكلهم تستمر إجراءات الصلح حتى صلاة العصر وغالباً غداءه عندهم التمر
والقهوة يصلي العصر بالناس والمغرب والعشاء ويعود لبيته وقد أخذ منه الجوع والتعب أي
مأخذ لا يشتكي لا يتـأوه ولا يتذمر بل يضحك معنا ويمزح وينتظر طعام العشاء ,إن لم
يكن هاجراً يحضر المناسبات ليس مرآءه ولا تباهي ولا بالمكافئ أو ليقال انه حضر بل
يحضر تقرباً لله سبحانه أو يعتذر يمشي وسط الجموع فيدفعونه للمقدمة يجلس حيث انتهى
به المجلس يأخذون بيده للصدارة مع كبار القوم و مسؤولي الدولة .
صنعته في الكلام:
ليس بمهذار يتأمل كلامه و يأزنه بميزان الشرع ينظر إلى مآلاته
ومدلولاته فإن كان خيرا أو إلى خيرا تكلم أو صمت, في كلامه هدوء ورصانة وفي صوته
نغمة وبحة لطيفة وجرس موسيقي تجبر القوم السكوت إذا تكلم ورمقة بالأعين والإصغاء
له بالآذان والانصراف له بالكلية تشرأب له الرقاب وإذا صمت ودووا أنه لم يصمت وأنه
لو انقضى حديثاً لو يعيده يديم الصمت حتى أنك لو مررت على منزلنا لـظـنـنته خال من
سكانه حتى لو إحتدت عليه بعض زوجاته في موضوع ما لا يسب ولا يشتم ولا يرفع صوتاً أو
يداً حتى إذا هدأت وجه وأرشد وأمر وقدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أهدت
له بعض زوجاته طعاما وهو عند عائشة رضي الله عنها فكسرت عائشة الأطباق غيرة ورسول
الله صلى الله عليه وسلم يبتسم بأبي هو وأمي ويقول غارت أمكم غارت أمكم .
حفظه لبصره
عن الحرام :
لم تحمله رجله لحرام قط ولله الحمد كان يغض بصره عن النساء الأجنبيات
حتى أنهن يظننه أعمى وليس بأعمى وخاصة جاراته فإذا حضر للمنزل وجاراته مجتمعات فيه
والمنازل آنذاك ليس لها إلا باباً واحداً وغرف معدودة مفتوحه ليس لها أبواب فإنه
لا يدخل حتى يخرجن فإذا خرجن شاح بوجهه مشرقًا أو
مغرباً ولا يتبعهن
نظرة حتى تواريهن بيوتهن وكأن عنترة بن شداد عناه بقوله :
وأغض الطرف إن بدت لي جارتي حـتى يـواري جـارتي مخـباهـا
فعـنـترة تمنعه النفس الأبية ومكارم الأخلاق وأبي يمنعه كل ذلك وفوقه
مخافة الله وعظم حق الجار وكن جاراته عفيفات حييات مستترات حتى لو أنه سلمت عليه
إحداهن لا يزيد عن رد السلام فقط .
تحصل بينه وبين إخوته وأقاربه مشكلة لا يحقد عليهم ولا يذكرهم بسوء
حتى لايوغر صدورنا ويغضب إن ذكرناهم بسوء ويزجرنا وهو كما قال مسكين الدارمي رحمه
الله :
وإن الذي بيني وبين بني أبي وبنو عمي لمختلف جداً
فــإن أكــلــوا لـحــمـي وقــرت لـحــومـهـم
وإن هـدمـوا مــجــدي بنـيـت لـهـم مـجــداً
ولا أحــمــل الـحـقــد الـقــديــم
عــليـهــم
فــلـيـس اخـو الـقــوم مـن يحـمـل الحـقـد
ومن يحقد لن يعلو بها ولن تعلو به الرتب
لذا قـال عنترة العبسي :
لا يحمل الحقد من تلون الرتب ولا
ينال العلا من طبعه الغدر
ولو علا فسوف ينتكس وهذا
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال لأهل مكة اذهبوا فأنتم الطلقاء ونبي الله يوسف
عليه السلام قال لإخوته لا تثريب عليكم وفوق هذا دعى لهم يغفر الله لكم .
وفاته رحمه الله:
توفي بعد مرض عضال وجلطات متكررة لازمته عدة سنوات وكانت وفاته يوم
الخميس بعد الظهر ليلة الجمعة 12- 8 - 1437هـجري
بعد الظهر دخلت عليه وهو مـُسجى في ( مستشفى الدار ) وكشفت عن وجهه الطاهر فإذا هو
رطب ممتلئ يتلألأ وعلى ثغره ابتسامه لطيفة وجسمه أصح ما يكون وقد ذهبت عنه آثار الجلطات
و والله ما ظننت أنه ميت حتى كتب الطبيب تقرير الوفاة وتحمل مسؤولية ذلك وقد كاد
أن يتكلما ولو تكلم بمشيئة الله وقدرته لقال أن الله تعالى قد - غــفـر لـي - وهذا
ظـننا بربنا سبحانه حيث لا يجمع على عبده عسرين وهو أرحم به منا والمرض للمسلم
كفاره جالباً للحسنات مذهباً للسيئات وليس ذلك إلا للمسلم .
وصـُـلي عليه بعد العشاء في
المسجد النبوي الشريف وشيعته جموع كثيرا جدا طار بهم جثمانه وطاروا به حتى ان بعض
أبنائه لم يستطع اللحاق بهم ودفن بجوار قبور الصحابة في مدخل البقيع في أسرع دفن جنازة
رأيت ولم تغبر وجوه وثياب دافنيه رحمه الله واسكنه فسيح جناته وجعل ما قدمه في
حياته من خير في ميزان حسناته وجمعنا به في جنات النعيم .
وفي
الختام فلـيعـذرني البعض حيث مـَلـت للسرد ولم أتبع الأسلوب العلمي وما ذالك إلا
أنها سيرة واقعية لا تحتاج إلى محسنات لفظية وما كتبته عن والدي إلا بعض البعض وقد
تجردت عن العاطفة وذكرت الحقائق التي سوف يسألني الله عنها ولو ملت إلى العاطفة
فإني غير ملوم فهذا أبي و لعلني استحضر قول الفرزدق لجرير:
أولئك آبائي فجئني
بمثلهم ****** إذا جمعتنا ياجرير المجامع
وما كتبت ذلك إلا لذكر محاسن موتانا وذكر مايجهله أبنائه وأحفاده
ليرفعوا بذلك رأسا ويقتدي به المقتدي.
وقد ذكرت بعض القصص والطرائف والرسائل هي عند أهل الدين والعقل
والقلوب السليمة بمكان .
أبي رحمه
الله كان تاريخا يمشي على الأرض وعـَـلما ًيأتم الهداة به يأمون حيث أمم كان نجما
عاليا منيراً به يقتدي المقتدون ويهتدي به المهتدون وشهابا حارقاً لأعدائه الذين ناصبوه
العداوة وهو لم يأبه لهم ولم يعرهم اهتمام عادوه لا لسبب إلا أنهم حسدوا فحقدوا
للمكانة التي وهبها الله له في الدنيا و ما عند الله خير وأبقى غمهم حياً وميتا ً أما
ميتاً فللجموع التي صلت عليه في المسجد النبوي والتي لا تخلو من رجل مجاب الدعوة
دعى له ثم للجموع التي شيعته ثم للجموع التي عزت واتصلت من كل حدب وصوب سيذكره كل
رجل مر على وادي الفرع والمضيق خصوصا لأن له مكانة لن يملؤها أحد ستذكره الأجيال
التي عقد لآبائهم وأمهاتهم في زمن لا يوجد مأذوناً غيره ستذكره الوثائق التي أبدع
في كتابتها بخطه المبارك في جميع شؤون الحياة في الصلح في القصاص والمشاجرات في
المواريث في الأراضي في المياه وفي المبايعات سيذكره المهتدون الذين هداهم الله
سبحانه وتعالى على يده عبر خطب الجمعة ودروسه العلمية في زمن شح فيه العلم وكثر
الجهل سيذكره الذين استنصحوه فنصحهم فنصح لهم فنفعهم الله بذلك سيذكره الذين
استشاروه فأشار عليهم بما ينفعهم وما كان موت أبي موت واحد ولكنه بنيان مجد قوم تهدما
.
ومما يدل
على حسن خاتمته إن شاء الله ما رآه عدد من أحفاده من رؤيا صالحة عنه بعد وفاته
بيوم واحد ومنها أن ابنة لي رأته بعد وفاته بيوم واحد في مجلس الدار عليه ثياب بيض
يتناول عدد من الرطب ويقول لها طمئني أبيك وهذه والله أجمل بشارة سمعتها في حياتي
فأدعوا الله سبحانه أن تكون كذلك إنه سميع مجيب.
ما أوردته عن والدي في هذه اللمحات ما هو إلا نتاج معرفة ومشاهدة
واحتكاك مباشر به رحمه الله تعالى ولا أزكيه على الله سبحانه هو أعلم بالسرائر .
ثم إن ماذكرته في هذه اللمحات لو كان رحمه الله على قيد الحياة لما
رضي بذلك ولكن من بشرى المؤمن أن ينشر الله تعالى ما خفي على الناس بعد موته أو دون
علمه .
كتبه بإختصار ابنه الفقير إلى الله عبداللطيف بن حامد أحمد
البليهشي15\1\1438هــ غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين الأحياء منهم والأموات .
و هذه صور من وثاثقه رحمه الله :
![]() |
مسير رواتب في الأوقاف وكان قبلها على
ملاك رئاسة القضاء
|
![]() |
![]() |
تجديد مأذونية |
![]() |
صورة من مخاطبة الأمارة له في العادة الجاهلية ( الـنـقـي ) |
![]() |
صورة من رسالة في تعليق التمائم من
العين والأمراض النفسية
|
![]() |
تقدير أرش مضاربة في شهر ذي الحجة 1374ه مقدار القصاص في القبيلة الأولى (439)ريال ومقدار القصاص في القبيلة الثانية (235)ريال تعيد الثانية للأولى (204) ريال كم قيمة الريال ذلك الحين. |